حملت التصريحات الموارد المائية والري مؤخراً عن أحوال مصر المائية الحالية والمستقبلية العديد من علامات الاستفهام...فعندما اكد الوزير على أن احوال مصر المائية افضل من احوال العديد من دول المنطقة بكثير, كان هدفه بث الطمأنينة في قلوب المصريين- الذين انتابتهم حال من القلق ولاسيما بعد ما تردد من أقاويل بشأن سعي دول حوض النيل لتقليل حصة مصر من مياهه- الا أنه عاد وفي نفس التصريح ليؤكد أن مصر لن تواجه أي أزمات او نقص في مواردها المائية حتى عام 2017, وأنها سوف تمضي قدما في تنفيذ خططها التنموية الخمسية الأربع لزراعة واستصلاح نحو 3.1 مليون فدان حتى هذا التاريخ...!!
والمثير في الأمر أن هذه التصريحات التي أثارت تساؤلات عدة ومخاوف لا حصر لها في قلوب المصريين,لم يعرف بعد ما الهدف منها..فهل لنا أن نطمئن ونفرح كوننا لن نواجه أية مشاكل مائية حتى عام 2017 دون النظر لما سيجري لنا بعد هذا التاريخ.. أم نستعد ومن الآن لمواجهة خطر الجفاف الذي سيطالنا بعد 13 عام تقريباً.. أم نتكاتف جميعاً لنتصدى جاهدين لمنع وقوع تلك الكارثة- التي من شأنها تدمير سبل الحياة في مصر تدمير شامل- وذلك من خلال العمل على ابراز مشكلة الزيادة السكانية والحد منها اذا ما كانت هي السبيل أو بالإعلان عن حقيقة ما اذا كانت هناك "ضغوطاً" تواجها مصر للتعديل في اتفاقية دول حوض النيل من اجل تقليل حصتها في المياه, وذلك حتى نقف جميعاً أمام تلك الضغوط ونحاربها ونقضي عليها...
بداية يقول د/ عاطف كشك الخبير بشؤون المياه عميد كلية الزراعة بجامعة المنيا انه توجد بالفعل ضغوط امريكية تسعى للتأثير على مصر من اجل دفعها لقبول بعض التعديلات على اتفاقية دول حوض النيل التي ابرمت عام 1929 والتي تعطي مصر حق استغلال 55مليار متر مكعب من مياه النيل, بالإضافة إلى حق الاعتراض على اية مشروعات تضر بهذه الحصة...ويضيف دكتور كشك أنه على الرغم من صدور حكم من محكمة العدل الدولية عام 1989 ينص على أن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود لا يجوز تعديلها, إلا أن تلك الضغوط الامريكية التي تثير الرأي العام العالمي على مصر بهدف اجبارها على قبول تعديل الاتفاقية مما قد يؤدي الى تضررنا... وعن النتائج التي اثمرت عن اجتماعات دول حوض االنيل التي عقدت مؤخراً في عنتيبي بأوغندا يؤكد الخبير المائي على أنه لا أحد يستطيع التكهن بما يمكن أن تسفر عنه هذه الاجتماعات, ولاسيما أن ما أعلن بشأن اسباب الدعوة لانعقادها هو تدريب كوادر في مجال الري واطلاق مشاريع مشتركة لإستغلال مياه النيل بشكل جيد مع توفير مانحين دوليين لتدعيم دراسات جدوى اقامة هذه المشروعات المشتركة التي تصل تكلفتها الاجمالية نحو 140 مليار دولار...ولكن- والكلام للدكتور كشك- وفي الوقت نفسه يجب ألا نغفل أن هذه الدول تسعى جاهدة وتطالب منذ سنوات" علانية" بتخفيض حصة مصر المائية بدعوى أنها تهدر كميات كبيرة من المياه في الصحراء... ومن جانبه أكد الدكتور حسين العطيفي مدير مكتب وزير الموارد المائية والري على أن الهدف الذي دفع مصر لحضور اجتماعت عنتيبي الاخيرة هو العمل على خلق اطار قانوني ومؤسسي يسمح باستخدام موارد النيل بالشكل الامثل بما يخدم كل دول الحوض, نافيا بذلك كل ما قيل عن اجراء تعديل ما في اتفاقية عام 1929 الخاصة بدول حوض النيل والتي يراها البعض تمنح مصر معاملة تفضيلية...فقال أن هذه الاتفاقية التي سبق وأن وقعت عليها دول الحوض من قبل تعد جزءاً لا يتجزأ من القانون الدولي,وبالتالي لا يجوز على الاطلاق التنصل منها وهو ما اكدته محكمة العدل الدولية...واضاف بأننا وعلى الرغم من ذلك سوف ندعم مبادرة عنتيبي لأنها في النهاية ستؤدي الى نوع من العدالة, حيث أن تلك المبادرة تمضي في محورين متوازيين اولهما محور المشروعات المشتركة لصالح دول الحوض كافة من استغلال للثروات السمكية وتنمية للثروة الزراعية اضافة الى مشروعات المياه والكهرباء وغيرها من المشروعات التنموية .. اما المحور الثاني فيشمل الاطار القانوني لتلك المبادرة حيث تم الاتفاق فيه على 18 نقطة من اصل 20 –رافضاً اعطاء ايضاحات حالياً عن نقطتي الخلاف- واخيراً وبعد استعراض آراء بعض الخبراء والمسؤولين حول هذه القضية المصيرية لن يبقى لنا سوى أن نطالب المسئولين في حكومتنا الموفرة بضرورة التعامل مع مشكلة المياه بصدق وشفافية وايضا بشكل سريع " أي دون انتظار ما سوف يحدث عام 2017"
مشكووووووووووووووووووووووووور
ردحذف