التدخين فى مصر

مصر وقعت اتفاقية مكافحة التدخين،
هل هناك خطوات فعلية واضحة لتطبيقها؟

_______________________

فى الحقيقة مكافحة التدخين فى مصر لها تاريخ طويل وهناك إدراك كامل من الاطباء والمسئولين عن اهمية المشكلة وذلك قبل توقيع الاتفاقية بوقت ليس بقصير؟فمنذ اربعة وعشرون عاما والصحفيون ومسؤولو الصحة في مصر يشنون حملة على التدخين، والبقية تأتي,وفى عهد وزير الصحة الاسبق ا.د.إسماعيل سلام عام 2000 ، شنت الوزارة حملة فى الدولة ضد التدخين واعلن الوزير ان الحكومة جادة في مكافحتها لعادة التدخين الذي تشير إحصاءات رسمية إلى أن 40 في المئة من الرجال وثمانية في المئة من النساء في مصر يمارسونها وان الوزارة لن تعين أو ترقي سوى غير المدخنين وقال إن موظفي الوزارة يجب أن يضربوا للشعب مثلا جيدا باعتبارهم يعملون في الجهة التي يفترض أن ترعى الناس وتحافظ على صحتهم.وفى نفس العام 2000 صدر قرار بحظر التدخين في مطار القاهرة عدا في أماكن مخصصة. وقالت السلطات إن الركاب والعاملين في المطار سيغرمون ما قيمته 15 دولارا إذا قاموا بالتدخين في غير هذه الأماكن.كما حظر وزير التعليم التدخين في المدارس والجامعات ، ولمصر خطوات غير مسبوقة فاقت ماهو مطلوب فى الاتفاقية ، فقد اصدر مفتي الجمهورية الاسبق الشيخ نصر فريد واصل فتوى بحق الزوجات في طلب الطلاق إذا تضررن من تدخين أزواجهن ، كما طلب المفتي من أئمة المساجد أن يعظوا المصلين بأن الإسلام حرم كل ما يضر بصحة الإنسان والتدخين جزء منه,ومنظمة الصحة العالمية التى صرحت إنّ التدخين يقتل شخصا في مكان ما من العالم كلّ ستّ ثوان ونصف الثانية قدّرت نسبة تكاليف العلاج والوقاية من أمراض التدخين في دولة مثل مصر بنحو نصف مليار دولار سنويا جنيف، سويسرا(CNN)--. 01/06/04وبخصوص اتباع سياسة ضريبية لإثناء الناس عن التدخين ، فاعتقد ان اسعار السجائر قد تضاعفت فى السنوات الاخيرة نتيجة لذلك والمشكلة هنا ان السجائر تمثل دخل مباشر كبير للحكومة ، ولكن اعتقد ان الحكومات المتعاقبة مدركة تماما ان الخسائر الناتجة عن التدخين فى صورة خسائر فى ايام العمل المفقودة بسبب الامراض المختلفة والوفيات ومصاريف العلاج اكبر من اى عائد مادى مباشر.واعتقد ان الوقت مبكر منذ توقيع الاتفاقية لبيان الاجراءات الجديدة لإن جميع بنود الاتفاقية تقريبا منفذة منذ سنوات ؟ ولكن من المؤكد ان الاتفاقية سوف تعطى دفعة لمثل هذه الاجراءات.

وللاعلام الطبى المتخصص دور ملحوظ فى ابراز جوانب المشكلة ، وفى مصر توجد قناتين فضائيتين تابعتين لوزارة الصحة ، لهم دور متنامى فى التعليم الطبى المستمر للاطباء والتوعية الطبية الصحية للجماهير. والقنوات الارضية والفضائية غير المتخصصة مليئة بالبرامج الشبه يومية التى تتحدث عن الجوانب الخطيرة للتدخين وتاثيره القاتل.ومن الجوانب الطيبة ان وزير الصحة السابق كان استاذ جامعى وجراح قلب وصدر شهير جعله فى موقع ممتاز لرؤية تأثير التدخين على امراض شرايين القلب والرئة بل ان وزير الصحة الحالى طبيب واستاذ جامعى شهير متخصص فى الامراص الصدرية وا شد التخصصات قربا للمدخنيين وامراضهم ووفياتهم اليومية.اما فى اعتقادى اهم جانب فى مكافحة التدخين نجحت فيه الحكومة فى السنوات الاخيرة هو فى تغيير المناهج فى المراحل التعليمية المختلفة وإبراز موضوعات البيئة واضرار التدخين والمخدرات فى صورة مباشرة فى مواد العلوم والصحة وغير مباشرة فى موضوعات القراءة والإملاء والتعبير وغيرها مما سوف يحصن الاجيال القادمة ضد التدخين ويثبت النظرة السيئة له وسوف يساهم فى توقف الاباء عن التدخين مع نمو الضغط الاسرى من الابناء والبنات على ذويهم وخصوصا على المدخنين من غير المتعلمين والحرفين البعيدين تماما عن التأثير المباشر للاعلام ولكن اطفالهم يذهبوا الى المدرسة على الاقل فى فترة التعليم الإلزامى.

ولكن ليست كل الجوانب براقة فمازالت البرامج الاعلامية ذات الشعبية الجماهيرية القصوى غير مشتركة بصورة فعالة فى حملة مكافحة التدخين.
فمثلا فى مباريات كرة القدم التى يتابعها الملايين من الشائع جدا ان تجد مخرجيها يصورون فى اخراج درامى مانويل جوزيه المدير الفنى البرتغالى للنادى الاهلى او ابراهيم يوسف مدير الكرة للزمالك وهم يدخنون بشراهة اثناء اللحظات الحرجة للمباريات مما يزرع فى نفوس الشباب والمتفرجيين ان التدخين مرتبط بالضغط العصبى او التفكير العميق!!!!! .

وكذلك الحال فى المسلسلات التلفزيونية التى يظهر ابطالها فى ادوارالاثرياء يدخنون السيجار الفاخر والمثقفين يدخنون البايب وغير المتعلمين يدخنون الشيشة كعامل ثابت فى كتابة السيناريو فى مصر.
وارجو ان يقتصر ظهور التدخين فى الافلام والمسلسلات على الشخصيات الاجرامية والمنفرة حتى يرتبط التدخين فى ذهن المتفرجين بانه فاحشة يجب القضاء عليها مثلها مثل المخدرات. وان تكون هناك مواقف درامية مكتوبة بصورة غير مباشرة تكافح التدخين كأن يرفض الاب زواج ابنته من العريس المدخن فى المسلسل وهكذا.